الإيمان بالأنياء و المرسلين:
و من أركان الإيمان أيضا الإيمان بأنبياء الله و رسله, و هو الإيمان بمن سمى الله تعالى في كتابه من رسله و أنبيائه, و الإيمان بأن الله عز و جل أرسل رسلا سواهم, و أنبياء لا يعلم عددهم و أسماءهم إلا الله تعالى. و قد ذكر هذا المعنى في القرآن الكريم في قوله تعالى: "و لقد أرسلنا رسلا من قبلك, منهم من قصصنا عليك و منهم من لم نقصص عليك" ( غافر, الآية 78).
لقد ذكر الله تعالى في القرآن الكريم خمسة و عشرون من الأنبياء و الرسل و هم: آدم, نوح, ادريس, صالح, ابراهيم, هود, لوط, يونس, اسماعيل, اسحاق, يعقوب, يوسف, أيوب, شعيب, موسى, هارون, اليسع, ذو الكفل, داوود, زكريا, سليمان, إلياس, يحيى, عيسى, محمد صلوات الله و سلامه عليهم أجمعين. فهؤلاء الرسل و الأنبياء يجب الإيمان برسالتهم و نبوتهم تفصيلا, فمن أنكر نبوة واحد منهم أو أنكر رسالة من بعث منهم برسالة, كفر. و أما الأنبياء و الرسل الذين لم يقصصهم القرآن علينا, فقد أمرنا أن نؤمن بهم إجمالا. و ليس لنا أن نقول برسالة أحد من البشر أو نبوته مادام أن ذكره لم يأتي في القرآن أو من الرسول صلى الله عليه و سلم.
موضوع الرسالة:
قال تعالى: "و ما نرسل المرسلين إلا مبشرين و منذرين, فمن آمن و أصلح فلا خوف عليهم و لا هم يحزنون, و الذين كذبوا بآياتنا يمسهم العذاب بما كانوا يفسقون" (الأنعام, الآية 48-49). و على هذا فإنه يجب علينا أن نؤمن بأن الله بعث رسله إلى الخلق لتبشيرهم و إنذارهم, و أن الله سبحانه بعث هؤلاء الرسل جميعا لتحقيق غرض واحد هو عبادة الله عز و جل و إقامة دينه و توحيده. قال تعالى: "و لقد بعثنا في كل أمة رسولا أن اعبدوا الله و اجتنبوا الطاغوت" (النحل, من الآية 36).
الواجب علينا نحو الرسل:
بعد الإيمان بأنبياء الله و رسله, يجب علينا تصديق رسل الله جميعا, و أن لا نفرق بينهم بأن نؤمن ببعض و نكفر ببعض, فقد قال سبحانه و تعالى: "إن الذين يكفرون بالله و رسله و يريدون أن يفرقوا بين الله و رسله و يقولون نؤمن ببعض و نكفر ببعض و يريدون أن يتخذوا بين ذلك سبيلا أولئك هم الكافرون حقا ..." (النساء, الآيات 150-151). و يجب علينا أيضا أن نؤمن بأن كل رسول أرسله الله تعالى قد بلغ رسالته على الوجه الأكمل. و يجب علينا أن نطيع الرسل و لا نخالفهم لأن ذلك من طاعة الله, فقد قال الله عز و جل: "و ما أرسلنا من رسول إلا ليطاع بإذن الله" (النساء, الآية 64).
و مما يجب علينا أيضا في حق الأنبياء و الرسل أن نعتقد بأنهم أكمل الخلق علما و عملا, و أنهم كانوا جميعا رجالا من البشر كما جاء في قوله عز و جل: "و ما أرسلنا قبلك إلا رجالا نوحي إليهم" (الأنبياء, الآية 7). و يجب علينا أيضا أن نؤمن بأنهم لا يملكون شيئا من خصائص الألوهية, و لا يملكون النفع أو الضرر, و لا يعلمون الغيب إلا ما أطلعهم الله عليه. و يجب علينا أيضا أن نؤمن بأن الله سبحانه و تعالى أيدهم بالمعجزات الدالة في صدقهم. و أخيرا يجب أن نؤمن بأن الله فضل بعض الرسل على بعض, لقوله عز و جل: "تلك الرسل فضلنا بعضهم على بعض منهم كلم الله و رفع بعضهم درجات و آتينا عيسى ابن مريم البينات و أيدناه بروح القدس" (البقرة, الآية 253).
الإيمان بمحمد صلى الله عليه و سلم:
من الإيمان بالأنبياء و الرسل الإيمان بمحمد صلى الله عليه و سلم, و أنه لم يعبد صنما و لم يشرك بالله طرفة عين قط. و نؤمن بأنه خاتم الأنبياء, لقوله تعالى: "و لكن رسول الله و خاتم النبيين" (الأحزاب, من الآية 40) فلا نبوة بعده صلى الله عليه و سلم, و كل من ادعاها بعده فهو كذاب. و يجب علينا أن نؤمن بأنه صلى الله عليه و سلم إمام المتقين, و أنه وحده الجدير بالاقتداء و التأسي, و أنه حبيب الرحمن, و أنه مبعوث إلى عامة الجن و كافة الورى بالحق و الهدى, و إلى الناس جميعا كما قال الله سبحانه و تعالى: "و ما أرسلناك إلا كافة للناس بشيرا و نذيرا" (سبأ, الآية 28). و يجب علينا أن نقدم محبته على الوالد و الولد و النفس, كما جاء في الحديث عن أنس رضي الله عنه قال: قال رسول الله صلى الله عليه و سلم: "لا يؤمن أحدكم حتى أكون أحب إليه من والده و ولده و الناس أجمعين" (متفق عليه).
و أيضا فإن علينا أن نؤمن بأن الله جل و علا قد أيد محمد صلى الله عليه و سلم بالمعجزات الدالة على صدقه صلى الله عليه و سلم, و أن القرآن العظيم معجزته الباهرة, و أن الله أيده بالمعجزات الحسية المذكورة في الأحاديث مثل انشقاق القمر و غيرها. و نؤمن بأن الله تعالى حباه أخلاق القرآن كلها.
و كلمة أخيرة يجب علينا ذكرها أن الإيمان الصادق برسول الله يتضمن التصديق و الانقياد, التصديق بأنه رسول الله و الانقياد للشريعة التي أرسل لتبليغها, فلا يصح الإيمان بالتصديق فقط دون طاعة رسول الله و الامتثال لأوامره.